الأحد، 15 مايو 2011

الذين اغرقوا مصر


ارتبط اسم الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء الأسبق في الآونة الأخيرة بالكثير من القضايا الخلافية بصفته مسئولًا عن الكثير من الملفات الشائكة التي كان أبرزها ملف الخصخصة الذي كان سببا في إهدار ثروات الدولة، أو بالأحرى هو المسئول عن "بيع الدولة" كما يحلو للبعض وصفه.



وتعالت الأصوات المنادية بضرورة التحقيق مع رئيس الوزراء الأسبق للكشف عن الفساد الذي تسبب فيه، أو تم في عهده وتم التستر عليه، وقدمت بلاغات عديدة للنائب العام المستشار عبد المجيد محمود تتهم عبيد بإهدار المال العام، وكان آخرها البلاغ الذي تقدمه به رجل الأعمال علي الصفدي تحت رقم 1317/2011 اتهم فيه رئيس الوزراء الأسبق عبيد بإهدار المال العام في صناعة السكر والاستيلاء علي 15 مليار جنيه.



عقود مشبوهة



فاحت الرائحة الكريهة للقمامة في عام 2009 وذلك بعدما عجزت شركات النظافة الأجنبية عن إنجاز مهامها، وتفاقمت الأزمة في شوارع القاهرة والجيزة، أشارت أصابع الاتهام إلى أن المسئول الأول عن توقيع العقود مع هذه الشركات هو عاطف عبيد، واعترف وقتها المسئولون في هيئات النظافة والتجميل بأنهم واجهوا ضغوطًا من رئيس الوزراء الأسبق للقبول ببنود العقود التي تهدر الملايين على الدولة وعلى الرغم من ذلك عجزت الحكومة وقتها عن فسخ العقود معها. وحاولت اتخاذ أي إجراءات لتنظيف البلد من "الزبالة" بعدما تورطت في التوقيع بسبب عاطف عبيد.



ووقفت الحكومة كعادتها مكتوفة الأيدي ولم تستطع محاسبة الشركات التي لم تف بمسئولياتها، ولم تحاسب عاطف عبيد المسئول عن تحرير العقد الذي وصف وقتها بأنه عقد إذعان لا يمكن النظر فيه أو محاسبة المقصرين، وتجاهل عبيد الاتهامات التي وجهت إليه بأنه حرر عقدًا أضر بالمصلحة العامة.



تكرر الأمر نفسه في قضية رجل الأعمال مزدوج الجنسية وجيه سياج والتي تسببت في تغريم مصر نحو 60 مليون دولار بعد حصول وجيه سياج علي حكم دولي، بعدما قدم له عبيد على طبق من ذهب 40 ألف متر من أرض طابا، قام فيما بعد بالمشاركة مع شريك إسرائيلي وعندئذ سحبت الحكومة المصرية الأرض منه وتحملت خزانة الدولة سداد قيمة التعويض، وقد طالب وقتها النواب السابقون الدكتور فريد إسماعيل والدكتور إبراهيم الجعفري ومحمد الصحفي بضرورة محاكمة عاطف عبيد لاتهامهم له بالخيانة التي تستوجب محاكمة جنائية وسياسية، وكالعادة ظلت هذه الاتهامات والاستجوابات حبيسة الأدراج وربما الأدمغة.



بيع مصر بالتقسيط



في الأشهر الأخيرة من العام الماضي تردد اسم الشركة المصرية للمعدات التليفونية بقوة في الوسائل الإعلامية، وذلك بعدما أهدر المستثمر الأردني حقوق العاملين بالشركة فاضطروا إلى تنظم وقفات احتجاجية أمام مجلس الشعب والاتحاد العام لنقابات عمال مصر ووزارة القوى العاملة لعل أحد يستمع إليهم.



وكان عبيد هو الذي باع الشركة التي التي أنشئت عام 1960 وكانت تحقق أرباحاً قبل الخصخصة في حدود 30 مليون جنيه، وجري بيعها بـ 91 مليون جنيه فقط عام 1999 لمستثمر أردني دفع 27 مليون جنيه من ثمنها، والباقي علي أقساط، وفي ذات الوقت منحه عقد توريد من الشركة المصرية للاتصالات لمدة 5 سنوات قيمته مليار و900 مليون جنيه، حقق منها أرباحاً بلغت 700 مليون جنيه، وأنشأ بهذه الأرباح شركة جديدة باسمه في 6 أكتوبر وتعمل في نفس النشاط وتتمتع بالإعفاء الضريبي وحمل الشركة الأم قيمة القروض وتكاليف التشغيل، مما أوصلها لحالة من التعثر المالي، الذي أتاح له فيما بعد عرض أراض للشركة علي كورنيش النيل.



فساد عبيد أمام مؤسسة الرئاسة



أثناء تولى عاطف عبيد رئاسة الوزراء رفعت هيئة الرقابة الإدارية تقريرًا إلى مؤسسة الرئاسة أكدت فيه تزايد معدلات الفساد في مصر أثناء توليه رئاسة الوزراء، وانتشاره بمختلف قطاعات الدولة، مقدرة حجم الأموال المختلسة بـ 500 مليون جنيه، وهو ما أكدته منظمة الشفافية الدولية التي ذكرت أن قطاع الإسكان والتعمير كان أكثر القطاعات التي انتشرت فيها قضايا الفساد.



وكشف تقرير الرقابة الإدارية عن أن الخمس سنوات الماضية شهدت أكثر من 80 ألف حالة فساد في مصر، وحذر من العواقب الوخيمة لتزايد معدلات الفساد، بعدما حلت مصر في المرتبة 70 بين الدول الأقل فسادًا وذلك في تقرير منظمة الشفافية الدولية التي تعني بمكافحة الفساد في مختلف دول العالم.



وأوضح التقرير أن فترة حكومة الدكتور عاطف عبيد شهدت تجاوزات صارخة حيث شهد عام 2003 م آلاف قضايا الفساد ووصل حجم الكسب غير المشروع إلى 100 مليار جنيه، حسب ما جاء في إحصائيات الجهاز المركزي للمحاسبات في ذلك الوقت. كما وصل حجم أموال الرشاوى 500 مليون جنيه وحجم أموال غسيل الأموال أكثر من خمسة مليارات جنيه.



وعزا التقرير تزايد معدلات الفساد وإهدار المال العام إلى ضعف النظام الحكومي والقصور السائد في العديد من القوانين والتشريعات، وبسبب تدهور الدور الرقابي الذي يمارسه مجلس الشعب، وكذلك الإفلات من العقاب والخلل الإداري، وتدهور الأداء الإداري للقيادات، ووجود علاقات مشبوهة، واستغلال مسئولين وموظفين كبار لنفوذهم للتربح بطريقة غير مشروعة.



وأوصى التقرير، القيادة السياسية باتخاذ خطوات جادة في طريق مكافحة الفساد وتجفيف منابعه حيث أن ذلك من شأنه تحسين صورة النظام أمام الرأي العام وإكسابه شعبية سياسية.



من هو عاطف عبيد؟



عاطف عبيد هو رئيس وزراء مصر الأسبق ، ونائب بمجلس الشورى المصري. ولد د. عاطف عبيد في 14 أبريل 1932، وهو أستاذ إدارة الأعمال، تولى منصب رئيس الوزراء الفترة من أكتوبر 1999 إلى يوليو 2004، خلفًا للدكتور كمال الجنزوري، وهو متزوج من الدكتورة نجد خميس ابنة الوكيل السابق لجماعة الإخوان المسلمين.. وقد كان والدها أحد الذين حكم عليهم بالإعدام في أعقاب محاولة اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر في المنشية عام 1954 لكن من حسن حظه لم يطبق عليه حكم الإعدام.. أما والدة زوجته فهي سيدة ألمانية.



له شقيق واحد فقط هو الدكتور عبدالمنعم عبيد أستاذ التخدير في القصر العيني وهو نفسه القطب الشيوعي الذي قضي سنوات في سجون عبد الناصر، لديه ابن هو الدكتور وليد عاطف عبيد مدرس جراحة العظام في القصر العيني وكان تلميذاً لوزير الصحة حلمي الحديدي ولديه ابنة هي نورا عاطف خريجة الجامعة الأمريكية وأستاذ مساعد في قسم الإدارة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق