الثلاثاء، 10 مارس 2009

جودة» هلال التي حوّلت الجامعة إلي «طابونة

مقال مهم من البديل
د. إيمان يحييتحولت "الجامعة" إلي "طابونة"، والأساتذة إلي "عمال تراحيل" باليومية. سيذكر التاريخ أنه في عصر "نظيف" و"هاني هلال" تم بيع الجامعة لأصحاب المدارس الخاصة، وتم بيع الأراضي المخصصة للجامعة والمستشفيات الجامعية ليتم إنشاء الفنادق الفاخرة ومدن الملاهي. ولعل أصداء ما يحدث في الجامعة قد تعدت أسوارها ولكنها وصلت خافتة يسودها الاضطراب إلي المجتمع. ما يحدث في الجامعة اليوم جد خطير، يهدد مستقبل مصر لأجيال عديدة مقبلة.في ظل "الدولة الإجرامية العظمي" التي نعيشها، تعددت السياسات والخطط الإجرامية التي تهدف إلي نهب مؤسسة "الجامعة المصرية" وتحويلها إلي بقرة حلوب لصالح رجال الأعمال الجدد: "التعليم الموازي" و"التعليم المتميز" و"جامعات أهلية" تعمل بمنطق الجامعات الخاصة و"البرامج الخاصة" و"الساعات المعتمدة" التي سيتم دفعها من جيوب أولياء الأمور ثم أخيراً المشروع الشبح "ربط الدخل بالجودة" والذي لا علاقة له بأي جودة، بينما تخلّي مُنظّرُوه عن زيادة دخل الأساتذة بعد ثلاثة أشهر من تنفيذه. المشروع الأخير، هو القنبلة الأخيرة التي انفجرت لتقضي علي ما تبقي من الجامعة المصرية.في عام 1972 ذهب اثنان من المدرسين العائدين حديثا من بعثتهما للخارج إلي الدكتور محمد عبد المقصود النادي، رئيس جامعة المنصورة آنذاك، ليشكوان عدم قدرتهما تأجير مسكن لعائلتيهما بسبب ضعف المرتب الذي لم يتجاوز 45 جنيها آنذاك. اتصل النادي بالدكتور شمس الدين الوكيل، وزير التعليم العالي وقتها، واستطاع الوكيل إصدار قانون الجامعات الحالي ولائحته التنفيذية. ذلك القانون وقتها أنصف أساتذة الجامعات، وجعل لهم كادراً خاصاً لائقاً بمهمتهم الجليلة. كان الكادر وقتها يكافئ كادر القضاء. مرت عشرات السنين وظلت الحالة المالية لأساتذة الجامعات متوقفة علي ما حصلوا عليه في منتصف السبعينيات في القرن الماضي بينما تحرك الكادر الخاص للقضاة ولفئات أخري من المجتمع بقفزات مع ازدياد الغلاء ومعدلات التضخم. يكفي أن نذكر أن الراتب الأساسي لمعظم الأساتذة لا يتعدي 300 أو 400 جنيه وأن 80% من إجمالي المرتب هو حوافز وبدلات يتوقف صرفها علي رضا الإدارة الجامعية. في الأيام القليلة الماضية فوجئت بأن معاش أحد الزملاء من المدرسين الذي توفي فجأة لا يتعدي 270 جنيها فقط لا غير بعد اثني عشر عاماً في العمل الجامعي!!. كل ذلك جعل أساتذة الجامعات يهربون إلي الإعارة إلي الخارج حيث يصل الراتب إلي عشرات أضعاف راتبهم الحالي، وكادت الجامعات تفقد نصف أساتذتها. في جامعات دولة أفريقية فقيرة "بوركينا فاسو" يصل أدني مرتب لعضو هيئة التدريس إلي "ألف دولار"، لن أتحدث عن المغرب أو تونس أو السنغال وهي دول غير نفطية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق